الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

الحارث و النصيحة


اليوم الجمعة المباركة وقد مر شهر كامل على آخر لقائي بالحارث و الشاف ، و الساعة الآن الواحدة بعد الزوال صراحة أنا جد متشوق للتمرن و تعلم المزيد سأذهب الآن إلى بيتي لأرتاح قليلا لأن هذا الصباح كان لدي زبائن كثر في الدكان و بقيت واقفا من التاسعة صباحا إلى هذه اللحظة ،

وعند الساعة التانية بعد الظهر رن هاتفي فرحت كثيرا لأن المتصل هو الحارث، فقد وضعت رنة خاصة به لتمييزه من بين جميع المتصلين فتحت الخط و أنا في غاية السعادة و قلت :

السلام عليكم  ،

فأجاب :

وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته ،اليوم عندي لك مفاجئة رائعة ، إتصل بالشاف و قل له أن الموعد اليوم هو الثالثة مساءا و هذه المرة سنذهب لبحر مدينة الرباط و سوف يأتي معي صديق و إلى اللقاء.

إتصلت بالشاف و أخبرته بما قاله الحارث و ارتحت قليلا في سريري و بدأ الوقت يمر ببطئ شديد جدا ، على فكرة أنا لست متزوجا و أسكن مع أبي و أمي ، لدي أخوان  متزوجان و لهم أبناء كبار و أنا هو معيل هذه الأسرة الصغيرة فوالدي رجل كبير في السن يبلغ عمره 68 سنة ولا يعمل و ليس لديه تقاعد لأنه كان حرفي و أمي ربة بيت ، 

هذا هو قدري و حتى إخوتي لا يتعاونون معي على إعالة والديهما و إن تكلمت معهم يبدؤون بالشكوى من صعوبة الحياة و قلة المال مع العلم أنني أرى غير ذلك فكلهم يعيشون حياة الرفاهية ، حتى إنه في بعض الأحيان أفكر في الهروب إلى مدينة أخرى أو الهجرة لأوربا لأضعهم أمام الأمر الواقع لكي  يتحملوا مسؤولياتهم تجاه والديهما  ،

صبرت كثيرا ومازلت صابرا إلى يومنا هذا و أرجوا من الله العلي القدير أن لا أظطر إلى الهروب .

الساعة الآن الثالثة إلا ربع و أنا الآن في شارع الأسرار و هاهو الشاف قد وصل قبلي لابسا ملابسه الرياضية  و واقفا تحت الشجرة التي نلتقي بها دائما ، و على الساعة الثالثة إلا خمس دقائق ظهر الحارث و  معه شخص في الثلاثينات من عمره يلبس ملابس رياضية أنيقة مطبوع عليها إسم ماركة عالمية مشهورة و يلبس أيضا نظارات شمسية من النوع الغالي و ساعة في اليد لونها فضي و بها أحجار شفافة في الأمام تبرق و كأنها الألماس .

أما الحارث فيلبس ملابس رياضية قديمة و بالية و عندما وصلوا قال :

حسن أقدم لك أحمد ، أحمد أقدم لك حسن .

 أما الشاف فقد كان يعرفه مسبقا ، تحركنا جميعا قاصدين بحر مدينة الرباط مشيا على الأقدام طبعا ، وعم صمت رهيب طول فترة مشينا إلى أن وصلنا نهر أبي رقراق فقال الحارث :

حسن ، إعتدت أنا و الشاف و أحمد إجتياز نهر أبي رقراق سباحة هل تسطيع فعلها معنا ؟

فأجبته :

لا ، فأنا لا أعرف السباحة جيدا ،

فقال :

إذن لنكملها مشيا ، ما رأيكم يا إخوان ،

وافق الجميع على قرار الحارث و ذهبنا عبر قنطرة الملك الحسن التاني رحمه الله و عاد الصمت الخبيت من جديد و عندما وصلنا فوق النهر تكلم الحارث و قال :

دعونا نقف هنا نتأمل و نستمتع بهذه المناظر الرائعة ؟،

وقف الجميع و بدأ الصمت ينخر في جسمي وبعد مرور عشر دقائق بالظبط أخذ الحارث هاتفه و فتح كتاب باللغة العربية و أعطاه لأحمد وقال :

إقرأ عنوان ذلك الكتاب ،

فأجابه أحمد :

خذ هاتفك فما زلت لا أعرف قرائة اللغة العربية ،

إستغربت كثيرا لهذا الحوار و قلت :

هل فعلا لا تعرف قرائة اللغة العربية ؟

فقال أحمد :

نعم ، لم أدخل المدرسة في حياتي قط ،

فقلت له :

أنصحك يا أحمد بالتسجيل فورا في مدرسة لمحو الأمية و لا تضيع المزيد من الوقت،

ضحكوا كلهم كثيرا ثم نظر إلي أحمد و قال  :

.Now concluded that you are ignorant 

و إلتفت إلى الحارث و الشاف و قال :

Hey guys , Do you khnow well this person ? He is really insane. 

لم أفهم جيدا كل ما قاله و من الظاهر أنه لم يعجبه كلامي لكنني إلتزمت الصمت لأنه وجه الكلام للحارث و الشاف فنطق الحارث و قال :

لطفا به لقد إستحق لقب تلميذي الجديد فهو إنسان شغوف و طيب و مرضي والديه .

فقال الشاف :

أنا أشهد على هذا ،

فقال أحمد :

مرحبا بك أخي حسن في مدرسة الحارث .

فأجبته :

شكرا لك أخي الفاضل،

ثم قال الحارث:

حان وقت الجري و إلى الأمام يا إخواني الأعزاء.

تريضنا و سبحنا و ضحكنا و لعبنا صراحة كان يوما لاينسى وعندما إنتهينا و كانت الساعة الخامسة و النصف تحركنا لنرجع لمنازلنا و ما لاحظته هو أن أحمد كان يسبقنا بخطوة أو خطوتين و كنا جميعا نتبعه إلى أن وصل أمام سيارة فاخرة من النوع الألماني لونها أبيض فأخذ أحمد مفاتيحه و ضغط زر و فتحت الأبواب كلها أوتوماتيكيا و قال :

أستاذي الحارث المفاتيح لك و اذهب بنا أينما تشاء ،

فأجاب الحارث :

و أنا كذلك مازلت لا أملك رخصة السياقة ، قد أنت من فضلك وضعنا في شارع الأسرار و شكرا لك .

وعندما صعدنا السيارة و انطلقنا تكلم أحمد و قال :

حسن هل تعرف ثمن هذه السيارة ؟

فأجبته :

لا ،

فقال :

ثمنها تقريبا ثلاثون مليون سنتيم مغربية ،

فقلت له :

تبارك الله ،

فقال الشاف :

حسن إسأله عن عمله ،

فسألته :

من فضلك أحمد ما هو عملك ؟

فأجاب :

إنسان حر ،

فتذكرت كلام الحارث عن الإنسان الحر فقلت له :

الله يعاونك أخي أحمد و ييسر طريقك ،

فقال أحمد :

الحارث هو سبب هذه النعم التي أنعم بها الآن، فلولاه لكنت مازلت عامل في شركة خياطة براتب هزيل  ، و إذا أردت معرفة كيف فعلت هذا فاقرأ كتاب الحارث : كتاب من عشرون دولار 20 $ إلى مليونير

فقال الحارث :

إنه مجهودك و جدك في العمل فأنت من زرع و ها أنت تحصد ما عملت عليه بجدك و تعبك و صبرك فهنيئا لك فأنت إنسان خير و شغوف و مرضي والديك و تستحق الأفضل،

فقال أحمد :

شكرا جزيلا أستاذي الحارث فمعروفك هذا لن أنساه طول ما حييت أعطاك الله الصحة  و حفظك الله و رعاك ،

فقال الحارث :

شكرا أحمد ، من فضلك إسئل حسن ؟

فقال أحمد :

ماذا تعلمت يا حسن ؟

وبعد صمت و تفكير دام خمس دقائف قلت :

من جد وجد و من زرع حصد ،


فقال الشاف :

ممتاز و ماذا تعلمت أيضا ؟


فقلت :

العود الذي تحتقره يعميك ،


فقال الحارث :

أحسنت و ماذا تعلمت أيضا ؟


فقلت :

هذا كل ما إستطعت تعلمه ،


فقال الحارث :

لا تعطي نصيحة إلا لمن طلبها و إن لم تفعل بهذا فاعلم أنك فقط ثرثار و متكبر في نظرهم و إذا أردت أن تنصح إنسان ما فاحرص نصحه بينك و بينه  ، فالنصيحة  في الجماعة قد يعتبرها المتلقي كإهانة أو توبيخ وقد يسمعك مالا يرضيك و ما لم تتوقع ،


وكما قال الإمام الشافعي :

تعمدني بنصحك في انفرادي  //   وجنبني النصيحة في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوع   //   من التوبيخ لا أرضى استماعه

و إن خالفتني و عصيت قولي   //   فلا تجزع إذا لم تعطى طاعة


و يجب أن لا نخلط بين النصيحة و إرشادات العمل. 

فقلت :

جزاك الله خيرا أستاذي الحارث  .


يتبع....................


رواية هكذا يكون فريق رجال الأمن الخاص 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق