اليوم الجمعة المباركة وقد مر شهر كامل على آخر لقائي بالحارث و الشاف ، و الساعة الآن الواحدة بعد الزوال صراحة أنا جد متشوق للتمرن و تعلم المزيد سأذهب الآن إلى بيتي لأرتاح قليلا لأن هذا الصباح كان لدي زبائن كثر في الدكان و بقيت واقفا من التاسعة صباحا إلى هذه اللحظة ،
وعند الساعة التانية بعد الظهر رن هاتفي فرحت كثيرا لأن المتصل هو الحارث، فقد وضعت رنة خاصة به لتمييزه من بين جميع المتصلين فتحت الخط و أنا في غاية السعادة و قلت :
السلام عليكم ،
فأجاب :
وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته ،اليوم عندي لك مفاجئة رائعة ، إتصل بالشاف و قل له أن الموعد اليوم هو الثالثة مساءا و هذه المرة سنذهب لبحر مدينة الرباط و سوف يأتي معي صديق و إلى اللقاء.
إتصلت بالشاف و أخبرته بما قاله الحارث و ارتحت قليلا في سريري و بدأ الوقت يمر ببطئ شديد جدا ، على فكرة أنا لست متزوجا و أسكن مع أبي و أمي ، لدي أخوان متزوجان و لهم أبناء كبار و أنا هو معيل هذه الأسرة الصغيرة فوالدي رجل كبير في السن يبلغ عمره 68 سنة ولا يعمل و ليس لديه تقاعد لأنه كان حرفي و أمي ربة بيت ،
هذا هو قدري و حتى إخوتي لا يتعاونون معي على إعالة والديهما و إن تكلمت معهم يبدؤون بالشكوى من صعوبة الحياة و قلة المال مع العلم أنني أرى غير ذلك فكلهم يعيشون حياة الرفاهية ، حتى إنه في بعض الأحيان أفكر في الهروب إلى مدينة أخرى أو الهجرة لأوربا لأضعهم أمام الأمر الواقع لكي يتحملوا مسؤولياتهم تجاه والديهما ،
صبرت كثيرا ومازلت صابرا إلى يومنا هذا و أرجوا من الله العلي القدير أن لا أظطر إلى الهروب .
الساعة الآن الثالثة إلا ربع و أنا الآن في شارع الأسرار و هاهو الشاف قد وصل قبلي لابسا ملابسه الرياضية و واقفا تحت الشجرة التي نلتقي بها دائما ، و على الساعة الثالثة إلا خمس دقائق ظهر الحارث و معه شخص في الثلاثينات من عمره يلبس ملابس رياضية أنيقة مطبوع عليها إسم ماركة عالمية مشهورة و يلبس أيضا نظارات شمسية من النوع الغالي و ساعة في اليد لونها فضي و بها أحجار شفافة في الأمام تبرق و كأنها الألماس .
أما الحارث فيلبس ملابس رياضية قديمة و بالية و عندما وصلوا قال :
حسن أقدم لك أحمد ، أحمد أقدم لك حسن .
أما الشاف فقد كان يعرفه مسبقا ، تحركنا جميعا قاصدين بحر مدينة الرباط مشيا على الأقدام طبعا ، وعم صمت رهيب طول فترة مشينا إلى أن وصلنا نهر أبي رقراق فقال الحارث :
حسن ، إعتدت أنا و الشاف و أحمد إجتياز نهر أبي رقراق سباحة هل تسطيع فعلها معنا ؟
فأجبته :
لا ، فأنا لا أعرف السباحة جيدا ،
فقال :
إذن لنكملها مشيا ، ما رأيكم يا إخوان ،
وافق الجميع على قرار الحارث و ذهبنا عبر قنطرة الملك الحسن التاني رحمه الله و عاد الصمت الخبيت من جديد و عندما وصلنا فوق النهر تكلم الحارث و قال :
دعونا نقف هنا نتأمل و نستمتع بهذه المناظر الرائعة ؟،
وقف الجميع و بدأ الصمت ينخر في جسمي وبعد مرور عشر دقائق بالظبط أخذ الحارث هاتفه و فتح كتاب باللغة العربية و أعطاه لأحمد وقال :
إقرأ عنوان ذلك الكتاب ،
فأجابه أحمد :
خذ هاتفك فما زلت لا أعرف قرائة اللغة العربية ،
إستغربت كثيرا لهذا الحوار و قلت :
هل فعلا لا تعرف قرائة اللغة العربية ؟
فقال أحمد :
نعم ، لم أدخل المدرسة في حياتي قط ،
فقلت له :
أنصحك يا أحمد بالتسجيل فورا في مدرسة لمحو الأمية و لا تضيع المزيد من الوقت،
ضحكوا كلهم كثيرا ثم نظر إلي أحمد و قال :
.Now concluded that you are ignorant
و إلتفت إلى الحارث و الشاف و قال :
Hey guys , Do you khnow well this person ? He is really insane.
لم أفهم جيدا كل ما قاله و من الظاهر أنه لم يعجبه كلامي لكنني إلتزمت الصمت لأنه وجه الكلام للحارث و الشاف فنطق الحارث و قال :
لطفا به لقد إستحق لقب تلميذي الجديد فهو إنسان شغوف و طيب و مرضي والديه .
فقال الشاف :
أنا أشهد على هذا ،
فقال أحمد :
مرحبا بك أخي حسن في مدرسة الحارث .
فأجبته :
شكرا لك أخي الفاضل،
ثم قال الحارث:
حان وقت الجري و إلى الأمام يا إخواني الأعزاء.
تريضنا و سبحنا و ضحكنا و لعبنا صراحة كان يوما لاينسى وعندما إنتهينا و كانت الساعة الخامسة و النصف تحركنا لنرجع لمنازلنا و ما لاحظته هو أن أحمد كان يسبقنا بخطوة أو خطوتين و كنا جميعا نتبعه إلى أن وصل أمام سيارة فاخرة من النوع الألماني لونها أبيض فأخذ أحمد مفاتيحه و ضغط زر و فتحت الأبواب كلها أوتوماتيكيا و قال :
أستاذي الحارث المفاتيح لك و اذهب بنا أينما تشاء ،
فأجاب الحارث :
و أنا كذلك مازلت لا أملك رخصة السياقة ، قد أنت من فضلك وضعنا في شارع الأسرار و شكرا لك .
وعندما صعدنا السيارة و انطلقنا تكلم أحمد و قال :
حسن هل تعرف ثمن هذه السيارة ؟
فأجبته :
لا ،
فقال :
ثمنها تقريبا ثلاثون مليون سنتيم مغربية ،
فقلت له :
تبارك الله ،
فقال الشاف :
حسن إسأله عن عمله ،
فسألته :
من فضلك أحمد ما هو عملك ؟
فأجاب :
إنسان حر ،
فتذكرت كلام الحارث عن الإنسان الحر فقلت له :
الله يعاونك أخي أحمد و ييسر طريقك ،
فقال أحمد :
الحارث هو سبب هذه النعم التي أنعم بها الآن، فلولاه لكنت مازلت عامل في شركة خياطة براتب هزيل ، و إذا أردت معرفة كيف فعلت هذا فاقرأ كتاب الحارث : كتاب من عشرون دولار 20 $ إلى مليونير
فقال الحارث :
إنه مجهودك و جدك في العمل فأنت من زرع و ها أنت تحصد ما عملت عليه بجدك و تعبك و صبرك فهنيئا لك فأنت إنسان خير و شغوف و مرضي والديك و تستحق الأفضل،
فقال أحمد :
شكرا جزيلا أستاذي الحارث فمعروفك هذا لن أنساه طول ما حييت أعطاك الله الصحة و حفظك الله و رعاك ،
فقال الحارث :
شكرا أحمد ، من فضلك إسئل حسن ؟
فقال أحمد :
ماذا تعلمت يا حسن ؟
وبعد صمت و تفكير دام خمس دقائف قلت :
من جد وجد و من زرع حصد ،
فقال الشاف :
ممتاز و ماذا تعلمت أيضا ؟
فقلت :
العود الذي تحتقره يعميك ،
فقال الحارث :
أحسنت و ماذا تعلمت أيضا ؟
فقلت :
هذا كل ما إستطعت تعلمه ،
فقال الحارث :
لا تعطي نصيحة إلا لمن طلبها و إن لم تفعل بهذا فاعلم أنك فقط ثرثار و متكبر في نظرهم و إذا أردت أن تنصح إنسان ما فاحرص نصحه بينك و بينه ، فالنصيحة في الجماعة قد يعتبرها المتلقي كإهانة أو توبيخ وقد يسمعك مالا يرضيك و ما لم تتوقع ،
وكما قال الإمام الشافعي :
تعمدني بنصحك في انفرادي // وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع // من التوبيخ لا أرضى استماعه
و إن خالفتني و عصيت قولي // فلا تجزع إذا لم تعطى طاعة
و يجب أن لا نخلط بين النصيحة و إرشادات العمل.
فقلت :
جزاك الله خيرا أستاذي الحارث .
يتبع....................
رواية هكذا يكون فريق رجال الأمن الخاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق